شباب صح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

"تفسير القرآن العظيم" لابن كثير

اذهب الى الأسفل

"تفسير القرآن العظيم" لابن كثير  Empty "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير

مُساهمة من طرف هشام كامل السبت سبتمبر 11, 2010 1:29 pm

"تفسير القرآن العظيم" المعروف بـ"تفسير ابن كثير" من الكُتب التي كَتب الله لها القَبول والانتشار، فلا تكاد تخلو منه-في ربوع العالم الإسلامي- اليومَ مكتبة، سواء كانت شخصية أم عامة؛ فهو من أشهر ما دُوِّن في التفسير المأثور، ويلي كتاب ابن جرير الطبري قدرًا وقيمة.
مؤلفه هو الإمام الجليل الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير، ولد بقرية "مِجْدَل" من أعمال بصرى، سنة سَبعمائة للهجرة، تُوفي أبوه وعمره ثلاث سنوات؛ فتولى تربيته أخوه عبد الوهاب، الذي بذل جهدًا كبيرًا في رعايته، وانتقل به إلى دمشق وهو ابن سبع سنين، وعنه يقول ابن كثير: "وقد كان لنا شقيقًا، وبنا رفيقًا شَفوقًا، وقد تأخرتْ وفاته إلى سنة 750 هـ فاشتغلتُ على يديه في العلم؛ فيسر الله منه ما تيسر، وسهل منه ما تعسر".
سمع من ابن الشحنة، والآمدي، وابن عساكر، وغيرهم، كما لازم المِزِّي وقرأ عليه تهذيب الكمال، وصاهره على ابنته. وأخذ عن ابن تيمية، وفُتِن بحبه، واتبعه في كثير من آرائه وامتُحِن بسببه.
له مؤلفات كثيرة أثرى بها المكتبة الإسلامية، من أبرزها- بالإضافة إلى "تفسير القرآن العظيم" و"البداية والنهاية"- "التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقات والمجاهيل"، و"جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سنن"، و"مسند أبي بكر الصديق"، و"مسند عمر بن الخطاب"، و"الأحكام الكبرى"، و"السيرة النبوية"، و"طبقات الشافعية"، و"مناقب ابن تيمية"...
وتوفي (رحمه الله) يوم الخميس السادس والعشرين من شهر شعبان سنة 774هـ بدمشق، ودفن بوصية منه في تربة شيخه ابن تيمية بمقبرة الصوفية.

أدوات ابن كثير
كان ابن كثير على مبلغ عظيم من العلم، شهد له العلماء بسعة علمه، وغزارة مادته، خصوصاً في التفسير والحديث والتاريخ. وعلمه يتجلى بوضوح لمن يقرأ تفسيره أو تاريخه، وهما من خير ما ألف.
قال عنه ابن حجر: "اشتغل بالحديث مطالعة في متونه ورجاله، وجمع التفسير، وشرع في كتاب كبير في الأحكام لم يكمل، وجمع التاريخ الذي سمَّاه البداية والنهاية، وعمل طبقات الشافعية، وشرع في شرح البخاري.. وكان كثير الاستحضار، حسن المفاكهة، وصارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع بها الناس بعد وفاته، ولم يكن على طريق المحدِّثين في تحصيل العوالي، وتمييز العالي من النازل، ونحو ذلك من فنونهم، وإنما هو من محدِّثي الفقهاء، وقد اختصر مع ذلك كتاب ابن الصلاح، وله فيه فوائد". وذكره صاحب شذرات الذهب فقال: "كان كثير الاستحضار، قليل النسيان، جيد الفهم"، وقال ابن حبيب فيه: "زعيم أرباب التأويل، سمع وجمع وصنَّف، وأطرب الأسماع بالفتوى وشنَّف، وحدَّث وأفاد، وطارت أوراق فتاويه في البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رياسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير"، وقال فيه تلميذه ابن حجي: "أحفظ مَنْ أدركناه لمتون الحديث، وأعرفهم بجرحها ورجالها، وصحيحها وسقيمها، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك، وكان يستحضر شيئا كثيرًا من الفقه والتاريخ، قليل النسيان، وكان فقيهًا جيد الفهم، ويشارك في العربية مشاركة جيدة، ونظم الشعر، وما أعرف أنى اجتمعتُ به على كثرة ترددي عليه إلا واستفدتُ منه".

العلماء وتفسير ابن كثير

حظي تفسير ابن كثير بمكانة كبيرة عند العلماء، بالإضافة إلى القبول والشهرة عند عامة المثقفين والمختصين؛ وذلك يرجع إلى:

1- ضخامة المصادر التي اعتمد عليها في تفسيره وتنوعها- وفقا لما سرده الدكتور إسماعيل عبد العال في كتابه "ابن كثير ومنهجه في التفسير"- وهي:
· الكتب السماوية: القرآن الكريم، والتوراة وأشار إلى أنه نقل من نسختين، والإنجيل.
· نحو 217 مصدرًا من أشهر ما بلغه من كتب التفسير، وعلوم القرآن، وكتب السنة، وعلوم الحديث وشروحه، والفقه وأصوله، والتاريخ والسير والتراجم، وعلوم اللغة، بالإضافة إلى مصادر في موضوعات مختلفة.

2- اهتمامه بدقة الروايات المنقولة وتصفية التفسير من الإسرائيليات:
· ذكر الحديث بسنده.
· حكمه على الحديث في الغالب.
· ترجيح ما يرى أنه الحق، دون التعصب لرأي أو تقليد بغير دليل.
· عدم الاعتماد على القصص الإسرائيلية التي لم تثبت في كتاب الله ولا في صحيح سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وربما ذكرها وسكت عليها، وهو قليل.
· تفسيره ما يتعلق بالأسماء والصفات على طريقة سلف الأمة(رحمهم الله) من غير تحريف ولا تأويل ولا تشبيه ولا تعطيل.
· استيعاب الأحاديث التي تتعلق بالآية التي يفسرها.
ومن ثم نجد الإمام السيوطي يقول عنه: "له التفسير الذي لم يؤلف على نمط مثله". وقال الشوكاني عنه أيضًا: "وله تصانيف، منها التفسير المشهور وهو في مجلدات، وقد جمع فيه فأوعى، ونقل المذاهب والأخبار والآثار، وتكلم بأحسن كلام وأنفسه، وهو من أحسن التفاسير إن لم يكن أحسنها".

معالم منهجه في التفسير

اتبع ابن كثير في تفسيره منهجًا علميًّا أهَّله أن يكون مرجعًا لكل من تعرض من بعده للتفسير، بالإضافة إلى القبول والشهرة عند عامة المثقفين والمختصين، وقد رصد بعض معالم هذا المنهج في مقدمة تفسيره التي ضمَّنها كثيرًا من الأمور ذات الصلة بالقرآن الكريم وتفسيره، واعتمد في ذلك على كلام شيخه ابن تيمية (رحمه الله) في مقدمته التفسيرية.

ومن أهم معالم هذا المنهج:
* اعتماده في تفسير القرآن الكريم على المأثور؛ فهو أولاً يفسر الآية بآية أخرى(تفسير القرآن بالقرآن)، وهو في هذا شديد العناية، وبارع إلى أقصى غاية في سرد الآيات المتناسبة في المعنى الواحد. ثم بعد ذلك يشرع في سرد الأحاديث المتعلقة بالآية المراد تفسيرها، ويبين ما يُقبل من تلك الأحاديث وما لا يُقبل. ثم يشفع هذا وذاك بذكر أقوال الصحابة والتابعين، ومَن بعدهم من أهل العلم، ويرجِّح ما يراه الأرجح، ويُعْرِض عن كل نقل لم يصح ثبوته، وعن كل رأي لم ينهض به دليل. وهذا يرجع إلى ما كان عليه من المعرفة بفنون الحديث وأحوال الرجال.

* تنبيهه إلى ما في التفاسير من منكرات المرويات الإسرائيلية؛ فهو مثلاً عند تفسيره لقصة البقرة، وبعد أن يسرد الروايات الواردة في ذلك نجده يقول: "...والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل، وهي مما يجوز نقلها، ولكن لا تصدق ولا تكذب، فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا..." وقد حدد موقفه من الروايات الإسرائيلية، فقال: "وإنما أباح الشارع الرواية عنهم، في قوله صلى الله عليه وسلم: (... وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ...) فيما قد يُجوِّزه العقل، فأما فيما تحيله العقول، ويحكم فيه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه فليس من هذا القبيل".

* نقل أقوال أهل العلم في مسائل الأحكام، مشفوعة بأدلة كل منهم، ثم يُرجِّح من أقوالهم ما يرى أن الدليل يدعمه، أو أن السياق يؤيده؛ وإن شئتَ أن ترى مثالاً لذلك فارجع إليه عند تفسير قوله تعالى في الآية [185] من سورة البقرة: {...فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.. الآية، فإنه ذكر أربع مسائل تتعلق بهذه الآية، وهو في كل ذلك مقتصد غير مسرف، ومعتدل غير مفرط.

طبعات الكتاب
· طبع هذا التفسير لأول مرة في المطبعة الأميرية من سنة 1300هـ إلى سنة 1302هـ بهامش تفسير "فتح البيان" لصديق حسن خان.
· ثم طبعه الشيخ رشيد رضا (رحمه الله) ومعه تفسير البغوي في تسعة مجلدات بأمر الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (رحمه الله) من سنة 1343هـ إلى سنة 1347هـ، واجتهد في تصحيحه ما استطاع.
· أنتجت المطابع نسخاً تجارية، ليس فيها تصحيح ولا تحقيق ولا مراجعة، معتمدين فقط على طبعة "المنار".
· طبعته دار الشعب سنة 1390هـ بتحقيق الأساتذة: عبد العزيز غنيم، ومحمد أحمد عاشور، ومحمد إبراهيم البنا. معتمدين على نسخة الأزهر، وهي نسخة قديمة وجيدة.
· طبعته مكتبة أولاد الشيخ في 15 مجلدا بتحقيق خمسة محققين وقد اعتمدوا على النسخة الأزهرية ونسخة كاملة بدار الكتب المصرية واعتنوا بتخريج الأحاديث.
· طبعته دار ابن حزم الثانية بتحقيق الدكتور البنا، وأصلها طبعة دار الشعب من المخطوطة الأزهرية.
· طبعته دار طيبة بتحقيق سامي بن محمد السلامة 1420هـ/1999م، واعتمد في تحقيقه على العديد من مخطوطات الكتاب حول العالم، ومن أبرزها: النسخة الأزهرية، ونسخة تشستربتي، ونسخة الحرم المكي، ونسخة الحميدية، ونسخة الحرم المكي، ونسخة جامعة الرياض، ونسخة مكتبة الأوقاف ببغداد، ونسخة آيا صوفيا، ونسخة ولي الدين جار الله، ونسخة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ونسخة مؤسسة الملك فيصل الخيرية. وتعتبر هذه الطبعة من أدق الطبعات؛ لذلك اعتمدها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.
هشام كامل
هشام كامل
مشرف عام
مشرف عام

الجنسية : مصر
SMS SMS : كل عام وانتم بخير
الاوسمة : لم يحصل علي شئ
ذكر مساهمات : 109
تاريخ التسجيل : 18/07/2010
العمر : 48

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى